أيُّ رجاءٍ لسورية اليوم؟
في خضمّ حرب لا تعرف رحمةً ولا هوادة، تحرق المدن والقرى وتتسبّب بمقتل عشرات الألوف وتهجير الملايين، ويلاحق عنفُها الأعمى الأطفال والنساء والعجّز حيثما حلّوا وارتحلوا، يمتلك نفسَ المرء شعورٌ باليأس، ولا سيّما في ظلّ غياب بوادر حلٍّ يُعطي بارقة أمل بقرب انتهاء جولات الجنون. غير أنّ ثمّة وجوهَ أشخاصٍ تستيقظُ في الذاكرة تحمل معها نورَ الرجاء. فكيف لا يمكن ذكرى أشخاص أمثال ديترِش بونهوفر الراعي البروتستانتيّ الذي استشهد في معسكر اعتقال نازيّ، وإغناطيوس ألِّيكوريا ورفاقه اليسوعيّين الذين قضوا في السلفادور في العام 1989 أثناء الحرب الأهليّة، وأسقف الجزائر بيار كلافري الذي بذل حياته في تلك البلاد العام 1996، والأب اليسوعيّ فرانس فاندر لُخت الذي استشهد في مدينة حمص العام 2014 وغيرهم، إلاّ أن تكون مصدر إلهامٍ ورجاء في زمن البربريّة؟ فكلٌّ من هؤلاء سعى على طريقته ليشهد لكرامة الإنسان في ظلّ ظروف لم تعرف من الإنسانيّة شيئًا، ويشهد، بفضل تمسّكه بإيمانه، لأخوّة ممكنة بين البشر جميعًا، مهما اختلفت ثقافاتهم وأعراقهم وجنسيّاتهم وأديانهم. لنتوقّف بوجازة، في البداية، على ظروف سورية الاستثنائيّة، قبل أن ننظر، من ثمّ، في أوضاع المسيحيّين السوريّين، ونختم بتفكير في رسالة الرجاء التي يلهمنا إيّاها هؤلاء الأشخاص.
تعليقات 0 تعليق