ديموقراطيّة إسرائيل الدينيّة
مقدّمة
منذ أن أخفقت الانتفاضات العربيّة في إنتاج أنظمة حكم ديموقراطيّة في البلدان التي قامت فيها، ازداد ارتفاع أصوات أكاديميّة وسياسيّة تدّعي أنّ إسرائيل تبقى الدولة الديموقراطيّة الوحيدة في الشرق الأوسط. ولكنّ هذا الادّعاء يحتاج إلى توضيح: إنّ الديموقراطيّة السائدة إسرائيل دينيّة بامتياز، وبعيدة كلَّ البُعد عن الديموقراطيّة الليبراليّة المثاليّة.
تُعرَّف الديموقراطيّة الدينيّة باختصار بشكل حكمٍ تكتسب فيه قيمٌ دينيّة معيّنة صفةً قانونيّة، أو تُعدُّ فيه نصوصٌ دينيَّة مرجعًا قانونيًّا، أو تُتَّخذ فيه عقيدةٌ دينيّة معيّنة صفةَ هويّة الدولة وينصُّ عليها الدستور صراحة. وفي المقابل، مِن المسلَّم به حاليًّا أنّه بالرغم من الصيغ المختلفة لمنزلة الدِّين ودوره في الديموقراطيّات الليبراليّة، فإنّ المواطنيّة لا تقوم بأيّ شكل من الأشكال على الانتماء إلى أيّ دين رسميًّا كان أو غير رسميّ؛ وبكلام آخر، لا يمكن أن يكون الدِّين من مكوّنات المواطنيّة، ولا أن يكون له أيّ تأثير في عمل الحكومة واشتراع القوانين ونشاط العدالة.
يرتبط تأسيس دولة إسرائيل نفسها في العام 1948 بمشروع تيودور هرتزل الذي يعود إلى العام 1897، ويرمي إلى جمع الشعب اليهوديّ في دولة خاصّة به. وقد تطوّرت مؤسّسات تلك الدولة على أساس هذه الخلفيّة؛ فالشرعيّة الدينيّة اليهوديّة بدت في صلب عمل النظام، بل ومبرِّر وجوده. وبكلام آخر، يُفهم دورُ النظام وشرعيَّته في خدمة الشعب بصفته صاحب معتقدٍ وهويّة دينيَّيْن. وانطلاقًا من هذه الخلفيّة أيضًا تُطرح العلاقات بالأقليّات الدينيّة والعِرْقيّة الأخرى التي تكوّن المجتمع الإسرائيليّ.
تعليقات 0 تعليق