جهاد معلوف - الإنسان المُحِبّ صيدليّة المحبّة - Homo agapens La pharmacie de l’amour
يتناول هذا البحث مسألة من أهمّ المسائل الّتي طُرِحَت في تاريخ الفكر البشريّ، إنّها المحبّة الشّاملة والحبّ المشتقّ منها. كلمة "محبّة" استهلكتها الآداب والعلوم الإنسانيّة والدّينيّة، وها هي تتجدّد في كلّ عصر ويتناولها في هذا الكتاب دكتور في الطّبّ والفلسفة (جهاد معلوف)، ضمن مقاربة فلسفيّة من خلال ما يُعرَف بالتّأويل السّريع والمتواصل، فيُدخِل القارئ في دائرة كارل جاسبر Jaspers Karl وبول ريكور Ricœur Paul في تطرّقهما إلى الرّمز الكامن في الاعتراف والأسطورة والتّكهّن.
في نهج متعدّد التّخصّصات، ومن خلال رحلة الأدب والفنّ والفلسفة وعلم النّفس والرّوحانيّة، يتناول المؤلّف الطّاقة المزوَّدة الحبَّ والمحبّة المفعمة بالمرح والعلاج، أسوةً بالعطاء الذّاتيّ المعروف بالـ "أغابي" agapé.
مفهوم "فارماكون" يجمع التّضادَّين، ويتناول مسألة الاختلاف والمغايرة، فهو يفيد معنى العلاج من جهة، كما يتضمّن، في الوقت نفسه، معنى السّمّ، وهذا ما يظهر من خلال الأسطورة. إنّه مفهوم مستوحًى من أفلاطون وجاك دريدا Derrida Jacques وبرنار ستيجلر Stiegler Bernard.
في القصيدة الّتي يستهلّ بها المؤلّفُ الكتاب، تصرخ المحبّة في السّاحات العامّة على لسان شاعر يُدعى الخليل، وهو اسم يعني في العربيّة الصّفيّ الّذي يعيش المحبّة الخالصة أو الوليّ أو الصّديق المُحِبّ.
القسم الأوّل من القصيدة يروي ولادة الإنسان المائيّ المزوَّد الطّاقة. فالعلاقة بين الطّبيعة والإنسان ليست مسألة رومنسيّة غنائيّة فحسب، ولكنّها قبل كلّ شيء تهدف إلى استعادة أساسٍ كيانيّ (أنطولوجيّ) مشترك في لعبةٍ من المغايرة والهويّة، قبل أيّ اختلاف أو مظهر من مظاهر الحياة.
نهر المحبّة يتدفّق، واستكشاف وفرة المحبّة تحدّه المحبّة نفسها. تأويل ينمو سريعًا وبطريقة متواصلة. لعبة المحبّة تخضع لفلسفات مفهومُها تعدّديّ، وذو أبعاد متعدّدة: البعد الذّاتيّ، والبعد المتسامي، والمعرفيّ، والجماليّ، والبعد الموضوعيّ والبنيويّ، والبعد اللّغويّ الألسنيّ، والبعد الرّياضيّ والاحتماليّ، والبعد المتعلّق بعلم النّفس التّحليليّ، والبعد التّفكيكيّ والمنظوريّ، والبعد التّأويليّ للظّاهرة الأنطولوجيّة، والبعد الخاصّ بما وراء التّواصل، والبعد الاجتماعيّ النّموذجيّ، والبعد التّطوّريّ، والبعد الأدبيّ، والبعد التّربويّ.
إنّها لعبة الجاذبيّة: المحبّة تجذب حين تصدّ نفسها. إنّها أيضًا لعبة الاحتفاظ بنفسها حين تنتشر. إنّها لعبة التّركيز حين تذوب، وهي لعبة الاتّصال: المحبّة رباط حين تفكّ هذا الرّباط. مضادّات السّمّ والعلاج تكمن في صيدليّة المحبّة، دواؤها السّامّ المعالِج.
يتناول الكاتب قواعد لعبة المحبّة المزوَّدة الطّاقة، مستخدِمًا صورة النّهر المتدفّق ثمّ يختتم كتابه بلوحةٍ رسمها يان فان أيك Jan van Eyck تمثّل الزّوجين أرنولفيني Arnolfini (1434) ومعروضة في متحف National Gallery of Art في لندن، يتطرّق في تأويلها إلى الحبّ بين الوعد وتحقيقه، والحبّ بين الحياة والموت، والحبّ بين الخصوبة والعقم، والحبّ بين المقدَّس والمدنَّس، والحبّ بين الإله والشّيطان، والحبّ بين المؤنَّث والمذكَّر.
في الكتاب فصلان: يُستهَلّ الأوّل بسباق المحبّة، ويتوَّج الثّاني بالاحتفاء بعيد المحبّة كعلاج وعبور ورمز، وإمكانيّة لا تنضب رموزها تمامًا كما النّهر الّذي لا يجفّ.
جهاد معلوف
الدّكتورة بيتسا استيفانو: حائزة دكتوراه في العلوم الدِّينيَّة، وإجازة في الأدب العربيّ من جامعة القدِّيس يوسف في بيروت. أستاذة محاضِرة في معهد الآداب الشَّرقيَّة في الجامعة، ومسؤولة عن الأبحاث في مكتبة العلوم الإنسانيَّة فيها. أستاذة محاضرة في جامعة "Domuni"- باريس. ولها العديد من المقالات المنشورة باللُّغتين العربيَّة والفرنسيَّة.
تعليقات 0 تعليق