السَّنة التَّاسعة والتِّسعون | الجزء الأوَّل | كانون الثَّاني – حزيران ٢٠٢٥
في ظلِّ ظروف استثنائِيَّة قاسية، وبإصرار على استمراريَّة الحياة في جانبها الثَّقافيّ، صدر العدد الجديد من مجلَّة المشرق المحكَّمة. وقد حملت افتتاحيَّة العدد وبعضُ مقالاته ملامح من القضايا المستجدَّة، وبعضها الآخر غاص في الفلسفة والتَّاريخ وأمور الدِّين، بالإضافة إلى مطالعات نقدِّية لآخر إصدارات دار المشرق.
1- عن عبثيَّة الحروب والحقّ في الحياة تحدَّث رئيس التَّحرير الأب سليم دكَّاش اليسوعيّ في افتتاحيَّة العدد، مبيِّنًا آثار الحروب العميقة على المجتمعات والأفراد، ومستشهدًا بقول الفيلسوف توماس هوبز بأنَّ البشر بحاجة إلى عقد اجتماعيّ لتكوين دولة قويَّة تحافظ على الأمن والاستقرار. وينقل عن البابا فرنسيس أنَّ قتل أيِّ شخص هو انتهاك لحرمة الحياة، ومستخلصًا أنَّ السَّلام هو الهدف الأسمى للإنسانيَّة، وعلى الجميع أن يعملوا على إنهاء هذه الحروب بالتَّربية والفكر الإيجابيّ وأدواته للمساعدة على فهم أسباب الحروب وإيجاد حلول لها.
2- في محور الفكر السِّياسيّ الدِّينيّ يتناول الأب صلاح أبو جوده اليسوعيّ في مقالته موقف الكنيسة من الدَّولة بين الرَّفض والقبول، قراءة في خِبرة الكنيسة في القرنَين الثَّاني والثَّالث، علاقةَ الكنيسة بالدَّولة والفصل بين السُّلطة الرُّوحيَّة والسُّلطة السِّياسيَّة. مشيرًا إلى اتِّضاح دور الكنيسة في المجمع الفاتيكانيّ الثَّاني، حيث كانت تدعم الدَّولة عندما كانت تحترم واجباتها، وتعارضُها عندما تتجاوزُها.
3- وفي المحور نفسه، مقالة معنونة بـ لويس ماسينيون والقضيَّة الفلسطينيَّة، يسلِّط فيها الأستاذ أديب الخوري الضَّوء على موقف الكاهن لويس ماسينيون، العارف بتاريخ العرب ولغتهم وبالإسلام، من قضيَّة الأراضي المقدَّسة، وحيث انتقل من داعمٍ للصُّهيونيَّة إلى مناهض شديد لها، مع احتفاظه بصداقة اليهود واحترامهم. وقد عبَّر لوسينيون في كتاباته عن مقاربة للقضيَّة الفلسطينيَّة عكست في بعض النِّقاط الموقف الرَّسميّ للكنيسة الكاثوليكيَّة حينها.
4- المجتمع والدُّستور والدَّولة عند أرنست-فولفغانغ بوكنفوردي عنوانُ مقالة في التَّاريخ السِّياسيّ بقلم الأستاذ تيودور باسم الرَّاعي، تسلِّط الضَّوء على الدَّور الحاسم للشَّعب في المشاركة السِّياسيَّة الفعَّالة، وحيث ينسب الفيلسوفُ والدُّستوريّ الألمانيّ بوكنفوردي للشَّعب سلطة إعادة النَّظر في شرعيَّة الدُّستور، مثل تعديله النِّسبيّ أو المنهجيّ. وهذا يعني أنَّ هذه النَّظريَّة الدُّستوريّة تضع ثقلها على "روح الشَّعب" بطبيعته التَّفاعليَّة وقوَّته التَّأسيسيَّة باعتباره لحظة لا عودة عنها في علاقتها بالدُّستور.
5- ونبقى في محور التاريخ ولكن الوسيط منه، فنقرأ عن دور مدينتَي بيروت واﻹسكندريَّة في تجارة الحرير بين السَّلطنة المملوكيَّة وأوروبا. يعرِّفنا الدُّكتور بيار مكرزل في هذه المقالة بالدَّور الرَّئيسيّ لمدينتَي بيروت والإسكندريَّة، إبَّان العصر المملوكيّ، في تجارة الحرير والتَّوابل وتصديرهما إلى أوروبا ولا سيَّما مدينة البندقيَّة.
6-تستعرض مقالة العمل التَّعاونيّ معيار لفعَّاليَّة التَّعليم في المدارس الرَّسميَّة في لبنان للدُّكتورة تالار أموديان دراسةً تشمل مديري ومعلِّمي المؤسَّسات التَّعليميَّة الثَّانويَّة الرَّسميَّة في لبنان. وتتناول الدِّراسة مختلفَ جوانب العمل التَّعاونيّ في مجال التَّعليم. وتُظهر النَّتائج أنَّ التَّعاون، لا سيَّما عبر الحوار وتبادل الموارد والمسؤوليَّة المهنيَّة، ضروريّ لنموّ المعلِّمين على الصَّعيد المهنيّ والابتكار التَّربويّ.
7- وفي محور الفلسفة، مقالة عن اللَّاأرخيَّة – نحو مصطلحٍ جديد للدُّكتور فرانك درويش. وفيه يُقدِّم الكاتب تعريفًا جديدًا لمفهوم "الأرخيَّة" في الفلسفة العربيَّة من خلال تحليل أصول الكلمة اليونانيَّة "ἀρχή" واستخداماتها الشَّائعة في التَّرجمة. ويسلِّط الضَّوء على أهمِّيَّة هذا التَّعريف الجديد لفهم أبعاد الأرخيَّة وتأثيراتها على الفكر المعاصر في كلّ أبعاده.
8- في الأقانيم والجوهر، مقالان ليحيى بن عديّ في التَّثليث والتَّوحيد اختصرهما الصَّفيُّ بن العسَّال عنوان مقالة للدُّكتورة نادين عبّاس، وفيها دراسة لمقالَين مخطوطَين ليحيى بن عديّ يُنشران لأوَّل مرَّة. كما يتضمَّن البحث دراسةً للمخطوطات ولأسلوب الصَّفيِّ بن العسَّال في التَّلخيص ولمضمون النَّصَّين المختصرَين.
9- وفي محور الفكر الدِّينيّ يعرض الأب سامي حلَّاق اليسوعيّ في مقالته الخير والنُّور والجمال كأسماء إلهيَّة لدى ديونيسيوس الأريوباغيّ المُنتحِل أفكار ديونيسيوس في جدليَّة الاسم الإلهيّ وتكشُّفات الذَّات الإلهيَّة في أسماء الخير والنُّور والجمال وعلاقتها بعضها ببعض، متمايزًا عن الدِّراسات السَّابقة الَّتي قلَّما أعارت العنصر الدِّينيّ، والخبرة الرُّوحيَّة انتباهًا كافيًا.
10- وفي المقالة الأخيرة المخصّصة لـ الأرشيف، يتناول الأب لويس شيخو اليسوعيّ، في مقالة تعود إلى العدد الخامس من مجلَّة المشرق من السَّنة الثالثة عشرة في أيّار 1910، الرَّصافيّات والرِّيحانيّات، ص.379-392، مقارنًا فيها بين نَظم شاعر العراق معروف الرَّصافيّ وشاعر لبنان أمين الرِّيحانيّ.
وفي هذا العدد مطالعات نقديّة لمجموعة من آخر إصدارات دار المشرق.
لإلقاء نظرة على محتويات العدد نرجو الضَّغط على الرَّابط أدناه.
تعليقات 0 تعليق