الصلاة مع الكتاب المُقدَّس
إنَّه الكتاب الثالث[1] في اللغة العربيَّة للأب اليسوعيّ البلجيكيّ نيقولاس سينتوبين، المحامي المتخصِّص في التربية والمرافَقة الروحيَّة، والملتزِم في العمل الرسوليّ عبر الإنترنت لمساعدة الناس على ملاقاة الله.
يهدف الكتاب إلى تعلُّم الصلاة مع الكتاب المقدَّس بحسب الطريقة الإغناطيَّة (ص. ٦).
يتألَّف القسم الأوَّل (ص. ص. ٩-١٢٤) من نصائح خمسين يشرح فيها الكاتبُ أنَّ الصلاة، التي تأخذ طرائق عديدة، هي انفتاحٌ على سرِّ حضور الله المُحبّ (ص. ١٣). يذكر أمورًا كثيرة كالأمكنة والأوقات المناسِبة للصلاة، تحديد فترتها، وضعيَّة الجسد («غير مريحة كي لا تنام، ولكنَّها لا تتطلَّب الكثير من الجهد أيضًا كي لا تتعب» ٢٧)، التمرُّس على الإصغاء، كيفيَّة التصرُّف في حال الشعور بعدم الرغبة بالصلاة. يقدِّم النصائح لمباشرة الصلاة لأنَّ «الصلاة لقاء، وما ينطبق على العلاقات الأخرى ينطبق أيضًا على الصلاة: لا تدخل منزلَ شخصٍ ما فجأة» (ص. ٥٣)، وللجزء المركزيّ (مكانة القلب الذي هو أهمُّ من العقل في الصلاة، والمشاركة في قصَّة الكتاب المقدَّس، واعتماد الفرح
معيارًا موضحًا، والتوفيق بين الاستسلام واليقظة في آنٍ واحد، وكيفيَّة الردِّ على التشتُّت، والتعامل مع المشاعر أو الجفاف، إلخ.)، ولختامها إذْ «لا يمكن أن نقطع لقاءً شخصيًّا فجأةً بدون أن نودِّع بلطفٍ الشخص الذي أمضينا الوقت معه» (ص. ٩٣)، ولِما بعدها، أي وقت المراجعة لجني الثمار.
في القسم الثاني (ص. ص. ١٢٥-١٣٤)، يقدِّم الأب سينتوبين نموذجًا عن الصلاة مع الكتاب المقدَّس من خلال رواية يسوع ماشيًا على البحر (متَّى ١٤: ٢٢-٣٣). وفي القسم الثالث يقترح على القرَّاء رياضةً روحيَّة انطلاقًا من نصوصٍ خمسين من الكتاب المقدَّس تتمحور على «اتِّباع يسوع» (ص. ص. ١٣٥-٢٤٦) وتتوزَّع على مراحل خمس: الوعي لمحبَّة الله لنا (دعوة إبراهيم وصموئيل، المسيح الواقف على الباب قارعًا، لقاء يسوع مع يوحنَّا وأندراوس، إلخ.)، الوعي لحقيقة الشرِّ والخطيئة (يسوع يأكل مع الخطَأة، مثل الأب الرحيم، إلخ.)، التعمُّق في حياة يسوع (بشارة مريم، الميلاد، التجارب، الشفاءات والعجائب، إلخ.)، التوقُّف عند آلامه وموته (غسل الأرجل، خيانة يهوذا، الصلب، إلخ.)، والتأمُّل في قيامته.
الكتابُ عميقٌ ببساطته، وفريدٌ في مضمونه. فهو دراسةٌ عن الصلاة ودليلٌ لها في آنٍ. يغتني منه كلُّ مؤمنٍ، المتمرِّس روحيًّا والمبتدئ في مسيرته، بشرط أنْ يرغب حقًّا في التمرُّس على الصلاة. فهو لا يقدِّم وصفةً سحريَّة، بل نصائح تساعد المتشوِّق على التقرُّب من شخص يسوع المسيح. لا يُقرأ دفعةً واحدة، ليس بسبب أفكاره الصعبة، بل لأنَّه يتطلَّب الغوص فيها والسعي إلى العمل بها، كما أنَّه يتضمَّن عباراتٍ جميلةً جدًّا، هاكم بعضها: «أفضل طريقة للصلاة هي تلك التي تساعدك على النموِّ في شراكةٍ مع الله ومع يسوع» (ص. ١٤)؛ «نحن لا نصلِّي أوَّلًا لكي نشعر بالراحة. نحن نصلِّي لنكون مع الله» (ص. ٨٧) / «الصلاة قبل كلِّ شيء مساحة حرِّيَّة» (ص. ١١١).
أخيرًا، نقترح فقرةً من الكتاب يشدِّد فيها المؤلِّف على أهمِّيَّة الاستعداد للإصغاء إلى الله في الصلاة مع الكتاب المقدَّس: «كثير من الناس يعانون صعوبةً في الإصغاء. فهو يعني، في آخر الأمر، السكوت وفقدان السيطرة. وبالفعل، الإصغاء الحقيقيّ لا يسمح لهم بتوقُّع ما سيسمعونه [...] لذلك فإنَّ الإصغاء في الصلاة يخيف. وبالفعل، ما يقوله الله يختلف غالبًا عمَّا نتوقَّعه أو نأمله. الإصغاء يفترض أن نقبل بعدم ملء الصمت، لأنَّ ملء الصمت يمنع الله نفسه من أن يتكلَّم» (ص. ٣٣).
[1] تعلُّمُ التمييز في مدرسة إغناطيوس دي لويولا (دار المشرق، ٢٠٢٢)؛ الفرح بوصلة توجُّهي (دار المشرق، ٢٠٢٤).
الفئة: الروحانيّة الإغناطيَّة
الأب نيقولاس سينتوبين اليسوعيّ
الصلاة مع الكتاب المُقدَّس
تعريب الأب سامي حلّاق والأخ جوزيف أشرف اليسوعيَّيْن
ط.1، 256 ص. بيروت: دار المشرق، ٢٠٢٤
ISBN : 978-2-7214-5674-8
الأب غي سركيس: حائز درجة الدكتوراه في اللاهوت من الجامعة اليسوعيَّة الغريغوريَّة الحبريَّة (روما). أستاذٌ محاضر في جامعتَي القدِّيس يوسف، والحكمة. وهو كاهن في أبرشيَّة بيروت المارونيَّة. له مجموعة من المؤلَّفات الدينيَّة والتأمليَّة والفكريَّة في اللاهوت المسيحيّ، وحوار الأديان والحوار الإسلاميّ المسيحيّ، وبعضها من إصدار دار المشرق (نوبل للسلام... لمن؟، أؤمن... وأعترف، قراءة معاصرة في الإيمان المسيحيّ، وإيمان في حالة بحث- النشاط اللاهوتيّ في المسيحيَّة، ودروس من الهرطقات، وحديثًا، البابا فرنسيس «صاحب الفطنة والسذاجة» جولةٌ في فكره اللاهوتيّ).
grsarkis@gmail.com
تعليقات 0 تعليق